الصورة مغرية بما تحمله من متع تداعب المشاعر والغرائز، وكثيرا ما تمنح متلقيها متع الاسترخاء، وتعفيه من مشقة التأمل والتفكير والاستنتاج التي نبذلها عند قراءة كتاب أو استماع لمحاضرة. لذا لم تكن الصورة وسيلة للهداية في رسالات الأنبياء، فالوحي كان يتنزل في كلمات محكمة. وختام الكتب المنزلة ابتدأ في غار حراء بدعوة للقراءة، ودوامه كان بحفظ كلماته عن التحريف والنسيان والعبث. أما المعجزات المرئية فوقعت في وقتها لفضح الطغيان وتبكيت المتكبرين، ولم تحمل في ذاتها رسالة ولا هداية.
وإذا كانت الصورة هي الوسيلة الأقوى للطغيان والإفساد في عصور الأمية، فشيوع القراءة والعلم لم يغير الكثير في عصرنا الذي أُطلق عليه اسم "عصر الصورة"، وكأن تطور العلم كان سببا في تطور توظيف الصورة لتحقيق الأهداف ذاتها، بدلا من تحرير الإنسان من عبوديته.
مع هذا كله فإن الصورة لم تعد حكرا في يد أصحاب الأهداف الدنيئة، وقد شهد تاريخها الكثير من قصص النجاح في توظيفها لمصلحة الإنسان وإظهار الحقيقة.
إن كتاب قوة الصورة يبحث في تاريخ الصورة وتطورها، وفي مجالات توظيفها واستغلالها والإفادة منها. ويهدف إلى توعية المتلقي بخطر الصورة ووسائل استغلالها، وفتح الباب أمامه لفهم آلياتها طمعا في تحريضه على توظيفها بما يحقق الخير للبشرية.
وقد حرص مؤلف الكتاب "أحمد دعدوش" في تأليفه على إبراز هدفين جوهريين، هما توعية المتلقي بخطر الصورة ووسائل استغلالها، وفتح الباب أمامه لفهم آلياتها طمعاً في تحريضه على توظيفها بما يحقق الخير للبشرية.
كما نجد في الكتاب سرد تاريخي مفصَّل لظهور الصورة وتطورها على مر التاريخ، يمهد الكاتب في بدايته بشرح عملية انتقال الصورة من العين إلى الدماغ، ومكانتها في الجمال والفن واختلاف الفلسفات في فهمها، ليبدأ بعدها الحديث عن نشأة الصورة وتطورها عبر الصورة المرسومة والمجسمة والضوئية والمتحركة والإعلامية والتسويقية، وينتهي بالحديث عن الرسائل الخفية التي يتم تمريرها من خلال الصورة والصورة النمطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق