“يتضمن كل حديث عن الحقيقة توثرا ضمنيا بين الحقيقة ( بصيغة المفرد وبألف لام التعريف ) كمضمون واحد وثابت ومطلق، وبين الحقائق ( الجزئية ) من حيث هي قضايا جزئية أو نسبية في هذا الميدان أو ذاك. في هذا العلم أو ذاك ( الحقيقة العلمية – الحقيقة البيولوجية – الحقيقة الفنية – الحقيقة في ميدان العلوم الاجتماعية – في السياسة … إلخ ). في هذه الفترة أو تلك … إلخ. فهل تجزؤ الحقيقة وتفتتها ينتصبان حائلا دون
إمكان الحديث عن الحقيقة بصورة عامة ؟
هذه أسئلة مشروعة ومطروحة فعلا في كل معالجة للحقيقة وهي تساعد على توضيح إشكالية الحقيقة باستخدام معايير تساعد على التمييز : بين الحقيقة المطلقة والحقيقة النسبية ، بين الحقيقة المطلقة والحقيقة النسبية ، بين الحقيقة الدقيقة والحقيقة التقريبية ، بين الحقيقة اليقينية والحقيقة الترجيحية أو الاحتمالية أو الإحصائية ، بين الحقيقة الكلية والحقائق الجزئية، بين الحقيقة المادية والحقيقة الصورية، بين الحقيقة العلمية والحقيقة الدينية … إلخ. بين الحقيقة الذاتية والحقيقة الموضوعية. إلا أن هذه التمييزات، وإن ساعدتنا على تبين مفاصل ومستويات الحقيقة، فإنها لا تساعدنا بما يكفي على التعرف على مدلول الحقيقة إن لم نقارن مدلولها بمصطلحات قريبة منها وكثيرا ما تختلط بها كالعلاقة بين الحقيقة والواقع، والحقيقة والبداهة.“
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق