يمثل كتاب "الذات عينها كآخر" تتويجاً لكل فلسفة "بول ريكور" ، ويطرح فى هذا الكتاب السؤال المتعدد الأخير والأبقى فى كل الفكر البشرى: من أنا؟ من أكون؟ ما هى هويتى؟ وما هو الوجود؟
تقوم فلسفة "ريكور" على تأويلية لمعنى الوجود تأخذ بعين الاعتبار كل ما أتى به فلاسفة الريبة وكل الإشارات التى تأتى الفلسفة من مختلف العلوم الإنسانية ، وعلى رأسها التحليل النفسى والتاريخ ، وإذا كانت مسألة الأنا / الآخر مطروحة بقوة فإن الرجوع إليه عند هذا الفيلسوف يكسبها عمقاً نادراً ويوسع من أبعاد تناولها.
لقد حطمت العلوم المعاصرة وهم الأنا الواعية لذاتها ، والمتيقنة من إدراكها لشفافيتها المباشرة ، غير أن الممارسة تفتح باب المقدرة أمام ذات متجذرة فى الحياة اليومية ، ذات متكلمة ، ممارسة لأفعال منطلقة منها ، تكتشف هذه الذات بعداً مهماً هو القدرة على السرد ، السرد الذى هو الصيغة اللغوية التى نتعامل فيها مع الزمان المعيش ، إذ العلاقة الأصلية مع الزمان هى علاقة سردية ، الزمن الإنسانى يأتى الخطاب من خلال القصة ، وبفضل القدرة على وضع الأحداث فى حبكة قصصية متماسكة ينتج الإنسان هويته السردية الفردية وكذلك هويته الجماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق