يحتوي الكتاب على خمسة أنواع من الوثائق: 94 مخطوطة للمصاحف الشريفة، 26 مخطوطة لأوراق
من المصاحف الشريفة، 32 مخطوطة للكتاب المقدس، 34 مخطوطة لأوراق البردى العربية، ثم أخيراً
تأتي مخطوطات كتب التراث العربي في 535 مخطوطة بعدد 530 وثيقة.
توزيع أعداد المخطوطات لكتب التراث العربي على الخمسة قرون الهجرية الأولى
أورد الكتاب خمسة مخطوطات فقط من القرنين الأول والثاني ،44 من القرن الثالث ، 155 من القرن الرابع،
327 مخطوطة من القرن الخامس، كما أورد أربعة مخطوطات لم يحدد لها مؤلفاً ولا تاريخ كتابتها.
وباستقراء ما سبق من إعادة ترتيب المخطوطات العربية الواردة في الكتاب يتضح الآتي :
أولا : لا توجد أي مخطوطة لكتاب في القرنين الأول والثاني الهجريين سوى مخطوطات القرآن الكريم، ويستثنى من هذا التعميم مخطوطة كتاب سيبويه، بما يعني عدم كتابة أي من الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي والبخاري لأي كتاب بأيديهم، ولا في حياتهم.
ثانيا : بمقارنة تاريخ وفاة الإمام البخاري ( 256 هـ ) وتواريخ أقدم مخطوطات كتابه الجامع الصحيح فسوف نجد أن المخطوطات الثلاث كتبت كلها بعد رحيله
الوثيقة رقم 303 وتحتوي على الجزء 3/ 4 كتبت في 407 هـ أي بعد رحيل الإمام بـ 151 عام
الوثيقة رقم 304 وتحتوي على الجزء 2/ 4 كتبت في 424 هـ أي بعد رحيل الإمام بـ 168 عام
الوثيقة رقم 305 وتحتوي مخطوطة الجامع الصحيح كتبت في 495 هـ أي بعد رحيل الإمام بـ 239 عام
وكل هذه الوثائق لم يوضح عليها اسم من كتبها في ذلك العصر المتأخر عن فترة حياة الإمام البخاري، فضلاً عن أنه لم يذكر عليها أيضاً أنها مستنسخة من الأصل المكتوب بيد الإمام البخاري.
وكذا الحال مع المخطوطات المنسوبة لكافة الأئمة، والتي يضيق المجال عن عرضها جميعا.
نتائج البحث :
مما سبق عرضه في دراسة مخطوطات كتب التراث العربي سوف نخلص إلي النتائج المنطقية الآتية :
1 – أن أئمة الثلاثة قرون الهجرية الأولى العظام والمشار إليهم بالبنان بكامل هيئتهم - ولا يستثنى منهم أحد - لم
يقرءوا كتاباً واحداً في حياتهم، فالثابت أنه لم يكن هناك أصلا ثمة كتبا ليقرءوها، والأخطر منها أنهم أيضا لم
يكتبوا كتاباً واحداً بأيديهم طيلة حياتهم، ويستطيع أي حاصل على شهادة جامعية أن يدَّعي بسهولة - وهو صادق - أنه قد قرأ في حياته عدداً من الكتب أكثر من أي منهم، وليس ذلك قدحاً فيهم أو في علمهم - معاذ الله - ، فنحن نتناول هنا عدد الكتب ولا نتناول إدراكاتهم ولا فهمهم ولا علومهم ، حيث كانت العلوم وقتها تنتقل بالتواتر القولي والحفظ السمعي.
2 - أن عصر التدوين الفعلى لم يبدأ في أوائل القرن الهجري الثاني - وكما تناقلته كتب الموروثات التاريخية وذلك
عندما زعموا أنه حينذاك أصدر خامس الراشدين عمر بن عبد العزيز أوامره بتدوين الأحاديث النبوية المتناقلة
شفاهة - لكن الذي يبدوا من هذه الدراسة أن عصر التدوين قد بدأ فعليا وعلى استحياء في النصف الأخير من
القرن الهجري الثالث ( فعدد المخطوطات المتوافرة لدينا من هذا القرن لا يتجاوز 44 وثيقة ).
3 - لم يرد أي ذكر لأي من مخطوطات باقي الكتب الموصوفة بالصحاح ، والتي يستصرخ العلماء في وجوهنا
ويصفونها بمصطلح أمهات الكتب..!!
لم يرد أي ذكر لأي من المخطوطات لفقه الإمام أبي حنيفة النعمان.....!!
لم يرد أي ذكر لمخطوطة كتاب نهج البلاغة والمفترض فيه أنه من نظم الإمام علي بن أبي طالب ...!!
وهذا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر.
4 - لم يرد أي ذكر لمخطوطة صحيفة همام، ولا تلك التي تخص الوثيقة المسماة بالصحيفة الصادقة والتي إدعى علماء الحديث أنها كانت من نظم الصاحبي عبد الله بن عمرو بن العاص وأنها كتبت في القرن الهجري الأول، وأنها إحتوت على نيف وسبعين حديثا - إختلفت المصادر في عدد الروايات الواردة في هذه الصحيفة - وأنها استقرت عند حفيده عمر بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
بعد هذا الذي قـُدِم آنفا ، نجد أنه يبرز إلى السطح عدة أسئلة تفرض نفسها وهي :
السؤال الأول : هل يصل بنا ذلك إلى الإقرار بحقائق مفزعة ؟؟ ، ألا وهي أن الفقهاء أصحاب الصحاح كانوا لا
يعرفون القراءة ولا الكتابة باللغة العربية، أو كانوا يعرفونها لكن لم يكن لديهم إهتمام بالتدوين ولا بالقراءة، وأنهم لم يقرؤا وأيضا لم يكتبوا كتاباً واحداً واقتصر تلقيهم للمعارف ومدارستها وتدريسها على المشافهة.
هل هناك إحتمال في أن يقوم كتبة مجهولين لدى العامة في كتابة مثل هذه المصنفات ثم ينسبوها إلى أنها من نظم الأئمة الأعاظم ؟؟
أيمكن أن يدعونا ذلك إلى التشكك في تواجد هذه الأسماء الطنانة أصلاً ولا تكون إلاعبارة عن شخصيات مختلقة لإضفاء المهابة والجدية فيما سوف ينسب إليهم ؟؟
كلها أسئلة تحتاج إلى البحث الجاد لإيجاد إجابات عنها.
السؤال الثاني:أيدعونا خلو المكتبات والخزائن من أية أصول خطية كتبت بيد كاتبيها من الفقهاء أصحاب الصحاح وفي زمن تواجدهم أحياء على ظهر الأرض، إلى الإعتقاد بأن ما بأيدينا من الكتب المدعوة بالصحاح هي إسماً على غير مسمى وذلك لأنها في واقع الأمر خالية من الصحة،وأنها خلية من المدسوسات التي حملت الصحيح والسقيم ؟؟.
السؤال الثالث :وهو في الحقيقة ليس بسؤال لكنه أقرب ما يكون إلى الرجاء والتوسل إلى علماء وفقهاء العالم
الإسلامي، بل هو نداء لكل عقلاء الدنيا، وهو يتلخص في الجد في البحث عن الدلائل المادية من الوثائق والمخطوطات والتي يمكن بها وبها فقط العدول عما أوصلتنا الدراسة إليه، وبتحديد أكثر أين هي تلك المخطوطة والتي أخذنا منها ما بين أيدينا من كتاب الجامع الصحيح ؟
وإلى ذلك الحين نرجو منهم التوقف عن وصف مصنفات الروايات المنسوبة إلى الرسول بأنها هي الصحاح، والرجاء الأهم الإقلاع عن نعت مصنف البخاري بأنه أصح كتاب بعد كتاب الله، وما يزعمونه عن أمهات الكتب وثوابت الأمة فلربما حملت الأمة تراثا من سفاح... !!، والفيصل اليقين في هذا الذي ذهبنا إليه هو كتاب الله فما كان منها يوافقه أخذنا به ، وما كان منها يخالفه نبذناه ولو كان في أعلى درجات الصحة وحسبما وضعوه هم من مؤشرات للصحة ، فما هي إلا آراء بشرية، تاريخية، نسبية، تحتمل الصحة والنكران، والقبول والبطلان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق