آلبير تويترز: كبار مفكري الهند و مذاهبهم على مر العصور PDF - رفوف

اخر المواضيع

السبت، 5 نوفمبر 2016

آلبير تويترز: كبار مفكري الهند و مذاهبهم على مر العصور PDF

[wpedon id="1562" align="left"]



هدف هذا الكتاب* تعريف الجمهور العريض تعريفًا أفضل بالفكر الهندي وتطوره، بالمصاعب التي يواجهها، والقضايا التي يتصدَّى لها ويدافع عنها، وبالشخصيات الكبيرة التي جسَّدتْه. ولفهم هذا الفكر ينبغي التآلف مع المشكلات التي يطرحها والطريقة التي عالجها بها. وهنا لا مندوحة حتمًا من إدراك كم هو صعب اقتفاء تطور فكر امتلك، أكثر من أيِّ فكر آخر، القدرة على ألا يحسَّ بتناقضاته الداخلية، ويتركها تتعايش جنبًا إلى جنب، بل وأن يذيب في كلٍّ واحد عناصرَ مختلفة بعضها عن بعض كلَّ الاختلاف.

[button color="blue" size="small" link="http://viwright.com/d9O" icon="fa fa-file-pdf-o fa-2x" target="true" nofollow="false"]تحميل[/button] [button color="blue" size="small" link="http://viwright.com/dBU" icon="fa fa-file-pdf-o fa-2x" target="true" nofollow="false"]تحميل[/button] [button color="red" size="small" link="http://viwright.com/dG4" icon="fa fa-book fa-2x" target="true" nofollow="false"]قراءة أونلاين[/button]


في القسم الأول من الكتاب مقارنة مبسَّطة بين الفكر الغربي والفكر الهندي. فالكاتب  يؤكِّد أن في أوروبا جهلاً كبيرًا بمدارس الفكر الهندي الذي يصعب اقتحامه بسبب غرابته، في إنكاره للحياة الدنيا في حدِّ ذاتها، باعتبارها خالية من المعنى، مليئة بالألم، وابتعاده عن الفكر الغربي الحديث الذي يقول “نعم” للحياة.

في العصور الأخيرة من التاريخ القديم فَقَدَ الفكر الإغريقي إيمانه بتأكيد العالم الذي شكَّل، مع ذلك، أساسًا في بنائه. ثم أتت المسيحية فوضعت الفكر الأوروبي، هي الأخرى، أمام شيء من إنكار العالم، لأنه زائل وسيحلُّ محلَّه عالمٌ آخر ينتفي فيه كلُّ نقص.

أما لدى المفكرين الأوروبيين في عصرنا، فإن تأكيد العالم أضاع غالبًا صفته الأخلاقية التي كان قد حافظ عليها حتى منتصف القرن التاسع عشر. والمجابهة بين هذين الفكرين – الأوروبي والهندي – تُظهِر بوضوح أن المشكلة الكبرى تكمن في صوغ تصوف فيه تأكيد أخلاقي للعالم. والفكر لم يتوصل، إلى الآن، لأن يدمج، في مفهوم واحد للعالم، هذا المفهوم “الأخلاقي–الصوفي” الذي هو، بطبيعته، الأكمل، في ذاك المفهوم الذي هو، بمضمونه، الأثمن.

أما القسم الثاني من الكتاب فيتحدث عن ظهور إنكار العالم في الفكر الهندي، فيقول إن هذه الظاهرة اقتصرت على الرجال المتفوِّقين، من سحرة وكهنة، الذين يمتلكون امتياز الدخول في اتحاد مع القدرة واكتساب قوة فوق طبيعية عن طريق ذلك. فهم وحدهم من يمارسون إنكار العالم. والخلاصة أن الأقرب إلى طبيعة الأمور هو القبول بأن الآريين كانوا يمارسون، في بادئ الأمر، تأكيد العالم، حتى توصل البرهمانيون إلى فكرة إنكار هذا العالم.

ولكن من هم البرهمانيون؟ هم يعتبرون أنفسهم أناسًا متفوِّقين؛ والتضحية، في نظرهم، ليست قربانًا يقدَّم للآلهة مع العبادة وأعمال الشكر والصلاة بمقدار ما هي عمل سحري يضع تحت تصرفهم القوة فوق الطبيعية التي يجب على آلهتهم أن يقدِّموا لها الطاعة والخضوع. وما يمنحهم هذه القوة هو، في اعتقادهم، الرمز الطقسي برهمن – تلك الكلمة التي تشير إلى القدرة الإلهية. والبرهمانيون هم أعضاء الطبقة الكهنوتية، ماداموا يمتلكون هذه القدرة الإلهية؛ ومفهومهم يتضمن إنكار العالم والحياة.

ويأتي القسم الثالث من الكتاب ليتحدث عن مذهب الأوبنشاد، فيقول إن البرهماني بلغ كمال تطوره في البرهمانا والأوبنشاد بعد أن وُجِدَ أولُ تعبير عنه في بعض الأناشيد العبثية (؟) الأحدث التي أثارت مسألة الإله الأعلى ومسألة علاقة تلك الأناشيد بالكون.

والبرهمانا والأوبنشاد نصوص مأثورة تمَّ تأليفها بين عامي 1000-500 ق م؛ وتتضمن تأملات مختلفة عن المعنى السوي للطقوس، ورموز التضحية، والأساطير. على أن الفيدا والبرهمانا والأوبنشاد بقيت كلُّها مدة طويلة يتم تناقُلها عن طريق السماع، حتى بعد اعتماد التدوين؛ وهي تضم في الواقع علمًا باطنيًّا نخبويًّا مقصورًا على البرهمانيين، ينبغي ألا يُلقَّن لسواد الشعب. وقد بوشر بتدوين أول نسخ منها باللغة السنسكريتية بعد عدة قرون من ميلاد السيد المسيح. وكلمة سنسكريت معناها “اللغة المميِّزة المهذبة”.

والسرُّ الأكبر للبرهمانيين هو أن نفوس الكائنات جميعًا وسائر الأشياء متطابقة مع النفس الكلِّية. وبموجب هذا التصوف التوحيدي الوجودي يتعلَّق كلُّ ما هو روحاني بالنفس الكلِّية. وبما أن النفس الكلِّية موجودة في كلِّ كائن فإن الإنسان يجد نفسه في كلِّ كائن أيضًا – في الكائن النباتي، كما في الكائن الإلهي. وذلك هو معنى العبارة الشهيرة “أنت هو ذاك”. ويشير مقطع من الجايالا أوبنشاد إلى تتابع المراحل الأربع لحياة البرهماني على أنه قاعدة راسخة:

  1. التلقين على يد معلِّم، تليه

  2. حياة ربِّ الأسرة، ثم

  3. الانسحاب إلى الغابة، وأخيرًا

  4. الزهد الكامل.


فكما وَرَدَ في البرهادارنيكا أوبنشاد:

الحقُّ هو سيد الأسياد، وليس ما هو أعلى من الحق. وعن طريق الحقِّ يتغلب الضعيف على القوي، كما لو أنه يعتمد على الملك. والحقُّ هو الحقيقة.

وهذه الحقيقة تحمل في طيَّاتها مجموعة من المشكلات، ظهرت في الفكر الهندي في نهاية المطاف:

  1. إن البرهمان هو المطلق، اللاشخصي، اللامحدود، واللاموصوف – أي “لا هذا ولا ذاك”. وكلُّ ما يُعرَف عنه هو أنه ليس فيه ما يشبه ما نعرفه بالتجربة المبنية على الملاحظة والاختبار.

  2. سؤال: ما العلاقة بين النفس الكلِّية والعالم المحسوس؟ الرأي الشائع هو أن النفس الكلِّية مسجونة في العالم المادي، وكأنها ضمن غلاف؛ وليس لعالم الزمان والمكان أي معنى في حدٍّ ذاته.

  3. كيف تنبثق النفوس الفردية من النفس الكلِّية، وكيف تعود إليها؟ البرهمانيون شبَّهوا النفوس الفردية بشرارات تنبعث من النار ثم تعود إليها، أو بانعكاسات نور القمر على سطح المياه.

  4. ما العلاقة بين النفس الفردية والجسم؟ النفس لا تخضع لسلطان الجسم. وفي المقابل، على النفس أن تساهم في الحياة المادية، وأن تتأثر بأعمال الإنسان.

  5. الأخلاق عندهم تتحدَّد وفقًا لما ينجزه الإنسان من أعمال صالحة.

  6. التأكيد بأنهم “طائفة”، ولكنهم جزء من إرادة إلهية، منذ شبابهم لهم الحق أن يزهدوا في هذا العالم المادي.


ثم يشرح ألبرت شفايتسر، في القسم الرابع من الكتاب، مذهب السامكهيا الذي أخذ على عاتقه الفحص عن العلاقة بين النفس والعالم المادي: كيف حدث أن صارت أسيرة فيه، وكيف يمكنها الانعتاق منه. إن كلمة سامخيا تعني “العدد” أو “الحساب”. والإحصاء يحتل حيِّزًا كبيرًا من عقيدة هذا المذهب الذي يعدِّد، مثلاً، العناصر الأربعة والعشرين التي تتألف منها المادة. لذلك فقد قبل هذا المذهب الثنوية: “جوهر روحاني” و”جوهر مادي”. والمادة هنا تحمل في ذاتها الخير والكمال، وأيضًا الشرَّ والنقصان؛ وهي تتألف من ثلاثة خصائص شبيهة بالخيوط الثلاثة التي يتكوَّن منها الحبل:

  1. سَتفا: المبدأ المضيء، الساكن، الخيِّر؛

  2. رَجَسْ: المبدأ المضطرب، الانفعالي، الراغب بالعمل؛ و

  3. تَمَسْ: وهو الظلام والجهل، ومعه ومنه يأتي الشرُّ والألم.


وهذا المذهب هو الذي جعل ظهور كلٍّ من البوذية والجاينية ممكنًا.

والفصل الخامس من الكتاب يعرِض لشرح مذهب الجاينية التي ولدت في طائفة المحاربين من المجتمع، ثم امتدت بعد ذلك إلى الطوائف الأخرى التي هجرت قراها ومدنها زاهدة متقشفة، على أمل الخلاص من التقمُّص. ووصايا المذهب الجايني تتبدَّى في الأخلاق والروحانيات: اللاعنف، ونبذ الصيد والزراعة واللجوء إلى التجارة، الرأفة والرحمة، والصدق. وهذه الوصايا لا تبدو واضحة للعيان إلا عن طريق نسَّاك زهدوا في العالم ليشكِّلوا نظامًا رهبانيًّا.

أما الفصل السادس فقد تصدَّى ألبرت شفايتسر فيه لبحث البوذا ومذهبه الذي دعا إليه سدهرتا غوتاما، الذي لُقِّبَ فيما بعد بالـ”بوذا”، أي المتنوِّر. لقد كانت فكرته تقوم على أن كلَّ ولادة ستنتهي حتمًا بالموت، وأن سلسلة التقمُّصات لا نهاية لها. فالمهم هو تحقيق السلام والخلاص.

قضى سدهرتا سبعة أعوام في الصوم لإماتة الجسد وتحقيق التركيز الروحاني، حتى جاءته الاستنارة التي كشفت له المعرفة المحرِّرة: بودِّهي – وكان ذلك نحو العام 525 ق م. إن أقدم الروايات عن حياة البوذا وتعاليمه موجودة في التريبيتاكا، وهي كلمة تعني “السلال الثلاث”، وتتألف من ثلاثة مصنفات: “قواعد الرهبنة”، “مواعظ البوذا”، و”مذهب البوذا”. والسؤال الذي يطرحه الكاتب: ما الذي ينبغي على القارئ أن يعرفه من رأي البوذا؟

–       العالم الأرضي لا يقدِّم أيَّ فرح حقيقي؛ فالحياة ألم منذ الولادة وحتى الموت.

–       معرفة العالم لا تحيط إلا بالقليل جدًّا من الأشياء، أو الظاهر منها فقط.

–       لم يستطع البوذا دعم نظرية لاجوهرية الأنا، أنتما، ولا أن يفيد من نظريته عن طبيعة الشخصية الذاتية، ولا أن يفصل مذهب دورة التقمُّصات عن مفهوم الحياة الروحانية.

–       كان صديقًا للحيوانات؛ والعمل عنده لا يدخل في دائرة الحسبان؛ التأمل ضروري وصولاً إلى اليقين؛ والأخلاق ضرورية للخلاص.

بإيحاء من الأخلاق البوذية حصلت الهندوسية على زخم جديد، وانتهت الهند إلى التخلِّي عن كلِّ ما هو جوهري من أفكار العالم، كما مارسه البوذا، ولكنها حافظت على أخلاقه وطوَّرتْها. لقد انتشرت البوذية في أنحاء عديدة من العالم. وقد أعطى الكتاب في فصوله اللاحقة فكرة عن انتشارها في كلٍّ من التيبت والصين ومنغوليا وسيلان وسيام (تايلاند اليوم) وبرمانيا. ولكننا لم نعد اليوم نصادف البوذية القديمة المقدسة (الهِنيانا، أو “المركبة الصغرى”) إلا في سيلان والهند الصينية (فييتنام الحالي). أما في الهند الأصلية، باستثناء النيبال، فإن البوذية اختفت تمامًا، أو كادت. وما يمارَس منها في الصين والتيبت وكوريا واليابان إنما هو البوذية المَهايانية (“المركبة الكبرى”) وتفرعاتها.

في الفصل الحادي عشر تحدث الكاتب بإسهاب عن قوانين منو ذات الشهرة الموغلة في القدم. ومنو هو الأب الإلهي للجنس البشري؛ وقوانينه أوصلها للناس ابنه برغو. وُضِعَتْ مجموعة قوانين منو بين 200 ق م و200 ب م. والأجزاء الستة الأولى من كتابه منوسمرِتي تعالج خلق العالم وطبقة البرهمانيين؛ في حين يتناول السابع الملك وواجباته؛ والثامن والتاسع القوانين السائدة؛ والعاشر نظام الطوائف؛ والحادي عشر الطقوس التفكُّرية؛ والثاني عشر عقيدة التقمُّص والخلاص. أما الفصل الثاني عشر فقد تكلَّم على الهندوسية وصوفية البهاكتي. فهذه الديانة الشعبية تؤمن بالوحدانية، دون التنكر لتعدُّد التجلِّيات الإلهية؛ وإنما توفِّق بين إحداهما والأخرى، معتبِرةً الآلهة المختلفة تجلِّيات للإله الواحد. والهندوسية تتضمن عبادات متعددة، ولاسيما العبادة المرفوعة إلى الإله بهغفت، أي الرب أو المعبود.

إن المصادر الرئيسية في معرفة الفكر الهندوسي القديم هي البورانا، وأنواع من المقالات الفلسفية الدينية المدرَجة في الملحمتين الهنديتين الكبريين: المهابهارتا والرامايانا. والمهابهارتا تروي قصة معركة آل بهارتا الكبرى؛ وتضم هذه الملحمة حوالى مئة ألف بيت مزدوج من الشعر، وهي، بالتالي، أضخم ما في الأدب العالمي، وتجري أحداثها في منطقة دلهي.

في الفصلين الثالث عشر والرابع عشر وَرَدَ مذهب البهغفدغيتا (الفصل السادس من المهابهارتا)، الذي يتبع الطريق نفسه الذي سار البوذا عليه. فقد دان هذا المذهب التقشف المسرف، وعلَّم أن الحرية الداخلية حيال العالم هي ما ينبغي على المرء أن يصل إليه: “الإنسان الذي يعمل بتجرُّد كامل يصل إلى الغاية المثلى.” لذلك عليه أن يكون طيبًا، بعيدًا عن الحقد، محبًّا لله، إلخ. وهكذا نرى أن البهغفدغيتا تقترب في فكرتها الأساسية من فلسفة فيخته التأملية.

بعد ذلك ينتقل الكاتب في الفصل الخامس عشر إلى الحديث عن الفكر الهندي الحديث الذي يؤكِّد على أن الأخلاق لا بدَّ منها في نظام العالم، ولا بدَّ لها من أن تتطور؛ حيث ارتبط هذا التطور بأسماء مفكِّرين مجدِّدين، من أمثال رام موهان رويْ، طاغور الأب، تشاندرا سِنْ، سَرَسْفَتي، راماكريشنا، سوامي فيفيكانندا، رابندرانات طاغور (1861-1941)، المهاتما غاندي (1869-1948)، وأوروبندو غوسِّه (1872-1950). وهنا لا بدَّ من ملاحظة أمور مهمة عدة، منها:

–       مشكلة الخلاص من دائرة التقمُّصات أصبحت تحتل المكانة الثانية في الفكر الهندي الحديث؛ إذ كفَّتْ فكرة الاتحاد الصوفي مع الله عن أن تكون ذات علاقة وثيقة مع التقمُّص.

–       استردَّتْ الصوفية الهندية حرِّيتها بعد أن أصبحت غير مشروطة بمفهوم التقمُّص.

–       المطالبة بأن أخلاق كمال الذات ينبغي أن تكمَّل بأخلاق المحبة الفاعلة.

–       الفكر الهندي الحديث لم يكتسب بعدُ استقلاله حيال التفكير النقلي، ولم يصبح بعد ناقدًا لنفسه.

وكان لا بدَّ من الحديث عن المهاتما غاندي، وهو نسيج وحده: استخدم المقاومة السلبية بنجاح ضدَّ التاج البريطاني؛ أفرد اهتمامًا خاصًّا لسياسة الهند ولاقتصادها؛ مناضل من أجل العمال والفلاحين؛ كان يفكر دائمًا بالوحدة بين الهندوس والمسلمين؛ داعية لرفض التعاون مع الدول الاستعمارية؛ منافح عن حقوق المرأة وداعية إلى الابتعاد عن الكحول والمخدرات؛ ويرى في العفة وحياة العزوبة مثلاً أعلى.

وفي آخر فصل من الكتاب، بعنوان “نظرة مرتدة ورؤى مستقبلية”، تحدث شفايتسر مؤكدًا أنه من التصوف البدائي السحري الذي كان نقطة انطلاقه، تلقَّى الفكر الهندي إرثًا ثمينًا هو فكرة أن الغاية الأخيرة للإنسان هو الاتحاد الروحاني مع اللامتناهي. وقد تمسَّك الفكر الهندي بثبات بهذا الإرث، ولم يتخلَّ عنه. وتطورُّه يوضح استمراره.

لقد أراد الفلاسفة الهنود أن يعترفوا للفكر الغربي بقدرته على القيام باكتشافات علمية واختراع للآلات وتنظيم عقلاني للحياة الجماعية، لكنهم، في الوقت نفسه، تحدثوا عن أمر آخر غير قابل للنقاش، وهو أن الهند تمتلك مفتاح تقدُّم الإنسانية، وأن الفكر الهندي وحده يتمتع بعمق حقيقي. ولكن على الفكر الهندي اليوم، كما يقول الكاتب،

–       أن يتجنب القيام بتوفيق عميق مع الحقائق بفضل إنكاره للعالم: فمادام قد قبل تأكيد العالم فإنه سيضطر يومًا لأن يأخذ حقائق هذا العالم بعين الاعتبار؛

–       أن يجد الشجاعة لأن يُخضِع نفسه لامتحان جدِّي، بأن يقرر الاعتراف بحدود معرفتنا لما وراء المحسوس؛

–       أن يكفَّ عن اللجوء إلى الخيال، أن يتخلَّى عن التمييز بين حقائق وحقائق، وأن يتحرَّر من سلطة التقاليد.

نحن لا نعيش فقط من أجل أنفسنا. فثمة آخرون يشاطروننا حياتنا؛ وحياتنا تشاطرهم حياتهم. فإلى ما وراء الأسرة، يجب أن تمتدَّ المحبة والتضامن والتعاون إلى العائلة والقبيلة وإلى الشعب، وأخيرًا إلى الإنسانية كلِّها.

ويبقى السؤال مطروحًا: مادامت المفاهيم في الهند يقوم مضمونُها على إنكار العالم المادي، وعلى وحدة الوجود، وأخلاقية الإنسان، فإلى أين قاد هذا الفكر الهنود؟ وهل سيستمرون فيه؟

على الرغم من أن ألبرت شفايتسر (الفرنسي الألزاسي ذا الثقافة الألمانية) يدرس الفكر الهندي من منظوره الأوروبي المسيحي، ومن منطلق مسلكه الحياتي كطبيب ناشط، عاش ردحًا من حياته في أفريقيا السوداء، يبقى أن قراءة هذا الكتاب، على علاَّته، تنير الطريق لمعرفة ملامح من هذا الفكر، الذي هو بالنسبة لنا جديد ومثير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق